لم يعرض الفنان الكردي مورازد جلجان لوحاته في صالة من صالات العرض الكثيرة الموجودة في العاصمة اللبنانية - بيروت، ولكنه اختار الرصيف مكاناً للعرض لكي يتصيَّد من لا يدخل الصالات ليقف امام اللوحة ويقرأها.
هذه المرة مختلفة فالفن يذهب الى الجمهور الذي باتت علاقته بالفن محدودة وسطحية ومهمشة. ولكن مورازد الذي عرض في اماكن عديدة
وبلدان مختلفة يريد من خلال ذلك ليس الوصول الى الجمهور المتلقي وحسب. بل يريد ايصال فكرته التي عنوانها "السلام لأطفال العالم"، على الرصيف الجنوبي لشارع الحمرا في بيروت التقيت الفنان موزارد الذي اصبح بسبب الغبار الذي يملأ الشارع شبيهاً بالرصيف الذي يعرض عليه.
* ما هو الهدف الأساسي الذي يتعدى اللون، بمعنى عناصر التكوين الأولى للوحة قبل انجازها؟
- الفكرة التي يمكن لها تشكيل وضع لدى المتلقي هي التي تشغلني أولاً وبعدما تكتمل ابداً الى ادخالها في عوالم لونية وبسهولة مطلقة.
* لوحاتك الجديدة ذات ألوان مغنائية، ألا تعتقد بأن هذه اللوحات وبهذه الألوان بعيدة عن الذائقة العامة؟
- الضبابيات تأتينا من الفضاء رقيقة بوجودها وقاسية في طبعها، هذه الرؤية العميقة التي أحاول تجسيدها في أعمالي لنقل المثقف البسيط الى عالم تملأه الضبابيات.
* من هو المثقف البسيط؟
- هو الشخص الذي يتوهم نفسه عارفاً بكل شيء.
* تقول إن الهدف من هذا المعرض هو السلام لأطفال العالم؟
- اندهشت لأنني أرى الآخرين ينادون بالسلام، الآن أريد السلام، ولكن للطفل الذي لا يشعر به ولكنه بحاجة إليه. لقد كانت معارضي السابقة تحمل نفس العناوين وفي المستقبل ستحمل نفس العنوان والى نهاية المطاف. هكذا أنادي بالسلام الذي أريده ويريده العالم ومثلما نتضامن مع القضايا الكبرى الحقة وجدت أن عليّ تخصيص معرض لسلام الأطفال لأنهم يعنون لي المستقبل بأصدق تجلياته.
* نجد الكثيرين من الفنانين الذين يختارون عرض لوحاتهم على الأرصفة هكذا في حي موغارتر في قلب باريس وفي روما وأيضا مدريد ولندن ونيويورك عندنا هذا الأمر غير موجود كثيراً، هل عرضت على الرصيف لكسر هذا النمط الموجود أم لعدم توفر امكانيات العرض في صالة؟
- لعدم توفر الامكانيات، ولأن الفن أصبح جماهيرياً فلذلك تجرأت وعرضت ولقيت الفكرة النجاح الذي تستحقه، عندما تكون على الرصيف وتحتك مع المثقف البسيط الذي تكلمت عنه ويكون الصدام معه بشكل مباشر تولد لديه القدرة على امتصاص سهذه الصدمة من جهة ويبدأ الاحساس بالفضولية يتسرب إليه.
* هل تجد قبولاً للوحات من الناس العاديين، خاصة وأنت تعرض في شارع الحمرا الذي دمرت ذاكرته الثقافية وحلت محلها ذاكرة وأنماط استهلاكية أخرى؟
- لقد لمست أن هذا الشارع كان يشتهر بالحس والنشاط الثقافي في الشرق الأوسط. وكانت بيروت عاصمة الثقافة العربية، الناس هنا وإن تغيرت ظروف تعاطيهم مع الحدث الثقافي، إلا أن مجرد مرورهم من أمام المعرض يعني أنهم سيرون اللوحات حتى دون أن يدخلوا ويتمعنوا في كل لوحة، الهدف هنا تبسيط الحدث وجعله بمتناول الناس دون أي دعوة للحضور، وهنا تنتفي القيمة التجارية.
* في معارضك المختلفة في البلدان الأوروبية، ألم يكن هناك فارق في الحضور الى الفن؟
- الفارق كبير جداً، لو فكرت بتحصيل المادة لكنت عرضت في هولندا.
أو السويد، ولكن وجدت أن الهدف الذي هو السلام لأطفال العالم يستحق التضحية والتخلي ولو جزئياً عن الماديات.
Bookmarks